الدخول في الرحمة الإلهية :
ولسنا بحاجة إلى التذكير : بأن الجنة رحمة إلهية للبشر ، لأن الرغبة فيها ، والطلب لها ، يدعو الناس إلى فعل الخيرات ، وعمل الصالحات ، وفي ذلك سعادتهم وصلاحهم ..
كما أن وجود جهنم أيضا ، والخوف منها يدعو الناس إلى التزام خط الطاعة والانقياد. وهو سلامة وسعادة لهم أيضا ..
وقد قلنا آنفا : إن الإنسان لا يستحق بعمله ـ من حيث هو ـ أي شيء ، ولا تفي جميع أعماله مهما عظمت بجزء يسير من تفضلات ونعم الله وفيوضاته عليه ..
بل إنما يستحق ذلك بالجعل الإلهي التفضلي ، ولكن أمر هذا الجعل يبقى بيد الله تعالى ، فيمكن له رفعه ، كما أمكن له وضعه .. وذلك حين يوجب استمراره نقضا للغرض ، ولا يكون إخلافا للوعد ، بل يكون متوافقا مع مقتضيات الرحمة والإحسان ..
وبما أن الله هو العليم ، والواقف على حقيقة ، ومدى ، وعمق ضعف ، ونقص ، وعجز ، وحاجة هذا الإنسان ، فإنه بمقتضى رحيميته يبادره برفع نقائصه ، وبسد حاجاته ، وتقوية ضعفه ، ويزيده من فضله ، فيعطيه الجنة ، فيقصر عن نيل نعيمها ، فيزيده من فضله كمالا ، وأهلية ، واستعدادا لنيل ذلك النعيم .. وكل ذلك على أساس الرحمة الغامرة ، التي كانت سببا في الفيض ، والحكمة الظاهرة التي هيمنت على المشيئة ..
وبما أن الحاجة إلى استمرار هذه المعونة قائمة ، فإن الجنة تصبح بمثابة الرحمة له ، وهي مستمرة ودائمة .. فيدخلها ، ويبقى فيها ، تفضلا من الله تعالى عليه وكرما ..