قوله تعالى :
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً).
«وَمِنَ اللَّيْلِ» :
ويلاحظ هنا : أنه تعالى قد استهل كلامه بكلمة «من» المفيدة للتبعيض ، أي : خذ وقتا أو قطعة من الليل ، وخصصها للسجود لله تعالى .. ثم ذكر أن التسبيح يجب أن يكون في الليل كله ، مهما كان طويلا ، فقال : (وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً).
وبذلك تكون حصّة التسبيح هي التي تأخذ الوقت الأطول ..
ثم يلاحظ هنا أيضا ، هذا التّدرج والانتقال. حيث بدأ بذكر اسم الله في الحصة النهارية ، ثم انتقل إلى السجود في بعض آنات الليل. ثم انتقل إلى التسبيح في الليل بطوله .. ولهذا التدرج معناه ، ومغزاه ، كما ربما تأتي الإشارة إليه.
وثمة ملاحظة ثالثة هنا ، هي : أن ذكر اسم الله تعالى قد ورد في النهار فقط ، ولم ترد إشارة إليه في الليل ، كما أنه لم يضف إليه شيء آخر من تسبيح وغيره.
ولكنه بالنسبة لليل ذكر أمرين ، أحدهما السجود لله ، والآخر التسبيح.
فلما ذا التخصيص في النهار بما ذكر ، ولماذا التنويع في الليل على النحو الذي أشرنا إليه ، فإننا لا نشك في أن هذا التنويع مقصود ومتعمد.