ويدل على هذا التعمد : أن هناك أحكاما تختص بعبادات الليل ، ولا تشمل عبادات النهار ، كالجهر بالقراءة ، فإنه واجب في الصلاة الليلية ، لكن الإخفات هو الواجب في النهارية.
وربما يحاول البعض : تعليل ذلك بأن ظهور الإنسان للآخرين ، إنما يكون في النهار غالبا ، فيصبح أكثر تعرّضا لخطر الرياء في الصلاة من خلال تحسين الصوت في القراءة ، والتأني فيها ، ومراعاة قواعد التجويد ، وما إلى ذلك ..
وكذلك الحال بالنسبة لإظهار حالات الخشوع ، والخضوع ، وإجراء الدموع ..
غير أننا نقول :
إن هذا قد يكون من فوائد الأمر بالإخفات نهارا ، والجهر ليلا .. لكنه لا يكفي ليكون هو العلّة التامّة لهذا التشريع.
غير أن مما لا شك فيه : أن للوقت وللمكان خصوصية في التشريع .. ولذلك حدد الشارع للكثير من التشريعات أوقاتا تناسبها.
كما أن هناك خصوصية أخرى ، وهي كثرة المستحبات في الإسلام بحيث لا يمكن لأحد أن يأتي بها جميعا ، فمثلا قراءة القرآن مستحبة دائما ، والصلاة والتسبيح كذلك. فكيف يمكن الجمع بينها؟
ثم إن للكثير من المستحبات درجات عظيمة من الثواب ، ولعل بعضها أكثر ثوابا من بعض الواجبات .. ولعل سبب ذلك : أن الرقيّ ، والسموّ الروحيّ ، والتكامل في الشخصية الإيمانيّة ، إنما يكون للمستحبات الدور الأهم فيه.
ولربما لا يقدر البعض ـ بحكم طبيعة عمله ، أو بحكم ما يملكه من