تقتضيها ..
وقد كانوا ولا يزالون ـ أحيانا ـ يتبادلون السلع ، فيأخذون عنبا أو تينا مثلا ، مقابل العدس ، أو القمح ، وذلك لما ذكرناه من أن القيمة موجودة في ذات هذا وذاك ، بسبب خصوصية واقعية يطلب الحصول عليها ، من هذا الطرف أو ذاك ..
والضابط في القيم هو تلك الخصوصية وقدرتها على تلبية حاجة عامة أو خاصة يراد تلبيتها ..
وهناك قيمة اعتبارية ليس لها منشأ سوى اعتبار عقلاء البشر ، الذين يقبل ويصح منهم الاعتبار ، كقيمة الأوراق النقدية ، فيما تعارف عليه الناس في هذه الأيام .. فإن قيمتها مرهونة ببقاء اعتبار العقلاء لها .. فإذا زال الاعتبار كما في موارد تغيير النقد ، فقدت قيمتها ، وأصبحت كسائر الورق المهمل ..
فالرغبة بأخذ الورقة المجعولة نقدا لم تنشأ من حاجة في داخل ذاتها ، أو من حاجة لحالة تلبست بها نتجت عن جهد إضافي ، بل نشأت الرغبة من اعتبار العقلاء لها بقيمة معينة من قبلهم ..
الاعتبار على نحوين :
وإذا نظرنا إلى الأمور الاعتبارية ، فسنجد أنها على نحوين :
أحدهما : ما يكون له خصوصية ومنشأ ، ومبرر كامن في نفس مورده .. ثم يأتي الاعتبار ليؤكد تلك الخصوصية ، وليستفيد منها في مقام العمل .. وذلك مثل اعتبار الملكية ، والزوجية ، والحرية .. وما إلى ذلك ، فإن هناك خصوصية في نفس المملوك دعت إلى اعتبار الملكية فيما بينه وبين مالكه ، فصار هذا مالكا ، وذاك مملوكا ، وكذلك الحال بالنسبة