«وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً» :
وحين يكون هذا العامل في سبيل الله يواجه أشدّ حالات الحرج ، ويبذل أعظم الجهد لتحقيق ما يتوخّاه ، ويمتثل أمر مولاه .. فإنه يواجه حالات أشد أذى لروحه ، وإيلاما لقلبه ، وحرجا على نفسه ، وهي نصائح أولئك الأعداء له بالتخلّي عن مسؤولياته الإلهية والإنسانية ، والسعي إلى بعث اليأس في قلبه ، وإضعاف عزيمته ، وإصابته بالفشل وبالإحباط من جرّاء ذلك ، وإقناعه بأنه لن يجني سوى المشاكل ، والمصائب ، والبلايا ..
وربّما يواجه أساليب متنوعة في هذا الاتجاه ، فيها الترغيب والإغراء تارة ، والترهيب والوعيد أخرى.
فلذلك جاء الأمر الحازم والحاسم ، ليقول له : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً).
وقد يلاحظ : أن لحن الخطاب الإلهي مع أنبيائه وأوليائه يمتاز بالقوّة وبالحسم أحيانا ، بل هو قد يوحي أو يوهم أنه يتهدّدهم بصورة قوية وقاسية : حتى ليقول الله تعالى لنبيّه : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١) ..
ويقول : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٢).
ويقول : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) (٣) ..
كما أنه يخاطبهم في أحيان كثيرة بمنتهى اللطف والرأفة ..
__________________
(١) سورة الزمر الآية ٦٥.
(٢) سورة الحاقة الآيات ٤٤ / ٤٦.
(٣) سورة الإسراء الآية ٨٦.