والأبرار ، وبيّن أيضا جزاء هؤلاء وأولئك .. بعد ذلك كله أراد سبحانه أن يبيّن أن القرآن هو سبيل النجاة ، وأنّه نازل من عنده تعالى ، لتكون النتيجة من ثم هي :
أن الوصول إلى الهدف الذي رسمه الله لخلق الإنسان منحصر بما بيّنه الله سبحانه. وكل ما عداه ، فإنّه لن يوصل إلى شيء سوى الدمار والبوار.
«إنّا نحن» :
وقد بدأت هذه الآية المباركة بكلمة «إنّا» المفيدة للتأكيد القولي ، يضاف إلى تأكيد آخر ، يقرره لهم مشاهدتهم صحة ما يخبرهم به سبحانه.
ثم أشار إلى نفسه تبارك وتعالى بكلمة : «نا» وبكلمة : «نحن» ، وهما تعبران عن المتكلم ، ومعه غيره ، ليشير بذلك ـ من جهة ـ إلى مقام عظمته ، وجلاله ، وكبريائه ، وقدرته ، وعزته .. وليفيد ـ من جهة أخرى ـ أنّ تنزّل القرآن من مقام إلى مقام ، قد أوكله سبحانه إلى الملائكة ، ثم إلى جبرئيل .. وذلك ليعرفنا : أنه يدبر الكون بوسائل معينة ، ووفق نظام ، وعبر وسائط تدبير (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) (١) ..
ومما يؤكد ذلك :
أنه تعالى ينزل القرآن من مقام إلى مقام ، بواسطة الملائكة ، كما قلنا ..
أنه يوحي إلى النبي أحيانا بواسطة جبرئيل ..
وأنه يميت الأحياء من البشر بواسطة الملائكة ..
وأنه يجعل التناسل البشري عبر صلة الذكر بالأنثى. وما إلى ذلك.
__________________
(١) سورة النازعات الآية ٥.