قوله تعالى :
(إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً.)
«إِنَّ هؤُلاءِ» :
ويثور أمامنا سؤال عن السبب في أنه تعالى قد ذكر الآثم والكفور بصيغة المفرد .. ولكنه قد تحدث هنا عنهما بصيغة الجمع ، فقال : (إن هؤلاء يحبون ، يذرون ، خلقناهم) إلخ ..
ويمكن أن يقال : إن الآثم والكفور ، وإن كان مفردا ، لكنه أريد منه الاستغراق للأفراد على سبيل البدل ، ليكون النهي شاملا لكل فرد منهم ، فلا يتوهم متوهم : أن النهي إنما هو عن إطاعتهم فيما اجتمعت كلمتهم عليه ، وليس نهيا عن إطاعة بعض الأفراد في بعض الأمور ، فهو إذن مفرد في قوة الجمع ، فصح وصفه بصيغة الجمع على النحو الذي ذكرناه ..
ويمكن أن يتضح ذلك : إذا لاحظنا أنه حين يريد الآثمون والكافرون أن يطلبوا من النبي أمورا لا مبرر لها ، فإن هذا الطلب إنما يكون بواسطة أفرادهم ، فردا فردا ، حين يتخذون لأنفسهم صفة الناصح ، والغيور ، والمحذّر ، ونحو ذلك .. وهم أفراد كثيرون يصح الإخبار عنهم بصيغة الفرد تارة ، وبصيغة الجمع تارة أخرى ..
فاذا أريد الإلماح إلى كثرة أفرادهم جيء بصيغة الجمع فقيل : هؤلاء يحبون الخ .. وإذا أريد الإلماح إلى نوع صفتهم الظاهرة والتعامل معهم كأفراد ، جيء بصفة الفرد ، فقيل : آثما أو كفورا ، ليكون النهي عن الإطاعة