مجرد أمر مفقود يدركون فقده ، ويتلمسون آثاره كما هو الحال في عدم وجود الشمس والزمهرير .. بل هذا التذليل فعل يكرم الله به الأبرار ، ويشعرون من خلال حدوثه ، وتجدد حصوله لهم ، مرة بعد أخرى ، باستمرار النظر والرعاية الإلهية لهم ، وهذا يعطيهم المزيد من البهجة والسرور ، والسعادة ، من خلال الإحساس برضا الله ، ومحبته ، ورعايته ، ولطفه ، فإن هذا غاية النعيم لهم.
يضاف إلى ذلك : أن رؤية الأبرار لهذا التذليل يعطيهم إحساسا بأن الأشياء مسخرة لهم ، وهي طوع إرادتهم ، ورهن إشارتهم .. خصوصا وأن ما يرونه مذللا لهم ، قد كان مستعصيا عليهم ، ويبذلون تعبا وجهدا من أجل الوصول إليه. وكل ذلك يفتح أمام أعينهم ، آفاقا أرحب للشعور بمحبة الله سبحانه ، والإحساس بهذا التكريم والتعظيم ..
إن الإنسان حين يعمل عملا ، ويأخذ مقابله ، فإنه لا يحس بالكرامة بمستوى شعور من يرى أن الله يعطيه ليكرمه ، وليظهر له المزيد من حدبه عليه ، وحقيقة رعايته له ..
لأن أخذ الأجر مقابل العمل لا يعبر عن وجود مزايا إنسانية سامية تستحق التقدير ، ولا عن وجود خلق رضي ، أو نبل وشمم ، بل قد يكون العمل نابعا من حبه لنفسه ، ومن سعيه للحفاظ عليها .. وتلك هي عبادة التجار حسب ما ورد عن أمير المؤمنين [عليهالسلام].
«قطوفها» :
القطوف جمع قطف ـ بالكسر ، وقطف بالضم غلط ـ وهو الثمر الذي اجتني وأخذ. ولكن المراد هنا هو الثمر الباقي على الشجر ، والمؤهل للاقتطاف والتذليل ، مقابل الاستعصاء والتمنع.