والمهين. وقد شاع ذلك القول المأثور : «إتق شر من أحسنت إليه» (١).
وشاهد آخر على ذلك ، هو أن الله سبحانه يقول : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(٢).
فإن الله سبحانه حين شرع أحكام الزواج ، لم يذكر واجبات وأحكاما إلزامية خاصة بهذا الواقع الجديد ، سوى عدد يسير ، ربما لا يصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة .. واكتفى فيما عدا ذلك بالأحكام العامة ، الشاملة لكل مسلم ..
مع أن الاحتكاك في الحياة الزوجية فيما بين الزوجين ، يفوق ما يكون في أية حالة أخرى .. والأجواء في داخل البيت الزوجي مهيأة للتدخل في كل شيء يمكن تصوره في مجال تعاطي إنسان مع إنسان آخر ..
وذلك من أعظم الدلائل على أن هذا الدين هو من عند الله تعالى .. وهو من مظاهر الإعجاز التشريعي ، الدال على أن واضعه هو الله العالم بالسرائر .. حيث إنه قد تبين من خلال هذا التشريع أنه تعالى لا يريد بناء الحياة الزوجية على أساس مصلحي ، أو تجاري ، أو سياسي ، أو على أساس الخضوع والانقياد لظروف اجتماعية ، أو غيرها .. لأن المتوقع في هذه الحال هو أن تنتهي العلاقة بمجرد فقدان تلك المصلحة ، أو انتهاء ذلك الظرف السياسي ، أو الاجتماعي ، أو غيره .. أو إذا وجد أي من الشريكين موردا آخر أكثر ربحا ، وأعظم فائدة ونفعا.
__________________
(١) تفسير الميزان ج ٢ ص ٣٥٢.
(٢) سورة الروم الآية ٢١.