كما أنه لا يريد أن يقيم العلاقة على أساس اقتضاء الغريزة والحب الشهواني ، فإنه تأثير سيتضاءل أيضا إلى حد التلاشي التام ؛ حينما تفقد الغريزة فاعليتها ونشاطها ، أو حينما تخبو جذوة الشهوة ، لأي سبب كان ..
بل يريد أن يقيمها على أساس أقوى من ذلك كله ، يستطيع أن يكون هو الحاكم ، والمؤثر ، في مختلف الظروف والأحوال ، ألا وهو الحب الإنساني ، والنظرة الإيمانية ..
فكان أن سعى إلى إثارة المشاعر الإنسانية ، في كلا الطرفين ، تجاه الطرف الآخر ، وهيأ المناخ لتمازج تلك المشاعر ، لتنتج من ثم حبا إنسانيا صافيا وخالصا ، يحمل في داخله معنى القيمة ، ومعنى الإخلاص ، ويتنامى في ظل الرعاية الإلهية ليلتقي بالوجدان ، فيهبه حياة ، ويقظة دائمة ، ويتأصل ، ويتجذر ، ويتعمق بالإيمان ، والتقوى .. ويصان ويحفظ في ظل الإحساس بالرقابة الإلهية والوجدانية.
ومن هنا نجد : أن التشريع الإلهي لم يقم نظام الحياة الزوجية على أساس الحق والعدل. وقهر الطرف الآخر به ، وفرضه عليه .. إذ أنه لم يشرع واجبات كثيرة يمكن المطالبة بها لأي منهما ، وذلك الذي شرعه وفرضه فعلا ، لن يحقق لهما الراحة ، والسعادة ، والهناء ، إلا بقدر ما يحجزهما عن العدوان والتظالم فيما بينهما ، حين تبلغ بهما الأمور إلى الخطوط الحمراء ، حيث يكمن الخطر ، وتتعمق الهاوية السحيقة.
ولسوف يدركان من خلال التجربة العملية : أن هذا ليس هو طريق نيل السعادة ، بل إن نيلها وسائل وطرق أخرى لا بد من البحث عنها ..
ولن يطول بهما المقام ، إذ سيدركان : أنه لا بد لهما من العودة إلى ما يريد الله لهما أن يعودا إليه ، ألا وهو التوادّ ، والتراحم ، حسبما أشارت