تنتهي إلى مصيرها النهائي في الآخرة ..
إن مهمّة النبيّ صلىاللهعليهوآله لا تنتهي بموته في الدنيا .. بل هو الشاهد على هذه الأمّة ، والمراقب لأعمالها ، والراعي لها حتى في النشأة الأخرى ، وهو الذي يتّخذه المؤمنون وسيلة لهم إلى الله تعالى ، ليقضي حاجاتهم في الدنيا ، وليشفع لهم في الآخرة ، وهو الذي ينجدهم في الشدائد ، بل ويحضرهم عند الموت ، وهو صاحب الحوض في الآخرة ، يسقيهم وصيّه منه ، أو يمنعهم عنه.
فإذا كانت للنبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله هذه المهمة الخطيرة ، فهو يحتاج إلى التثبيت ، وإلى الصبر الذي لا ينتهي عند حدّ ، ـ إذ إن القضيّة ليست مجرّد حدث صعب يمرّ في تاريخ حياته وينتهي .. بل هو حدث مستمر ، دائم التحدّي ، لحظة فلحظة ، وإلى أن تقوم الساعة ـ لأنه يتصدى للطواغيت ، وللأهواء ، وللغرائز. والعدوّ الذي يقاومه ويريد تحصين نفسه منه ، دائم الحضور معهم ، بالغ التأثير عليهم ، وهو عدو لا يكلّ ولا يملّ ، له حالات ومحاولات ، وقوّة وضعف ، مما يعني أنه سيبقى دائما في موقع التمرّد ، والطغيان ، والإغراء.
فلا بدّ من التدرّع بالصبر ، ولبس لبوسه ، دون كلل أو ملل .. ولا بدّ من وسيلة تنتج هذا الصبر ، وتحافظ على قوته ، وتضاعفها باستمرار.
وإذا كانت مهمة الرسول ومسؤوليته لا تنحصر بزمان ، فكيف يمكن إنتاج هذا الصبر الدائم والمستمر ، ليمكن القيام بأعباء هذه المسؤولية ، ومواجهة المغريات والتحديات؟! ..
إن هذا هو ما تكفلت هذه الآية المباركة ببيانه .. فهي تقول : إن على هذا الرسول ـ كما هو على كل البشر ـ واجبات لا بدّ لهم من القيام بها.