وما هي من الظّالمين ببعيد (١).
وضارعت هذه الرسالة بعض الرسائل المتقدّمة في كثير من بنودها ، وليس من المستبعد أنّها رويت بطريقين مختلفين مع وحدتهما.
وعلى أي حال فقد فنّد الإمام عليهالسلام في هذه الرسالة أغاليط معاوية التي ليس فيها أي بصيص من نور الحقّ ، وبيّن زيفها ، كما عرض الإمام عليهالسلام بصورة لا تقبل الشكّ أنّه أولى بمقام النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأحقّ بمركزه من غيره من الخلفاء ، وبيّن أنّ ما لاقاه منهم من الاعتداء والغضّ من شأنه فإنّه بعين الله ، وليس عليه أي غضاضة لأنّه لم يكن ظالما ، ولا شاكّا في دينه ، وسيجمع الله تعالى بينهم وبينه ، وهو الحاكم الفصل.
وحفلت هذه الرسالة بامور بالغة الأهمّية ذكرنا معظمها في البحوث السابقة.
وفشلت جميع الوسائل التي اتّخذها الإمام عليهالسلام لحقن الدماء وجمع كلمة المسلمين ، فقد قرّر معاوية إعلان التمرّد والعصيان ومناهضة حكم الإمام بالسلاح ، وقد شرط على الإمام في رجوعه إلى طاعته شرطين وهما :
١ ـ تسليم قتلة عثمان إليه ليقتصّ منهم ، وفيهم خيار الصحابة.
٢ ـ حلّ حكومة الإمام ، وجعل الأمر شورى بين المسلمين لينتخبوا من شاءوا حاكما لهم ، وقد اتّخذ هذين الشرطين التعجيزيّين وسيلة لإعلان حربه على الإمام.
وعلى أي حال فقد استعدّ كلا الفريقين للحرب ، وتهيّأ بجمع معدّاته وأسلحته.
__________________
(١) صبح الأعشى ١ : ٢٢٩. نهاية الإرب ٧ : ٢٣٣. نهج البلاغة ٢ : ٢١.