حكى هذا التأبين معرفة صعصعة بالإمام عليهالسلام وإحاطته ببعض مآثره وفضائله ، التي منها جهاده في سبيل الله ، ونصرته لدينه حتى استقام على سوقه عبل الذراع ، فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين ، كما حكى تأبين صعصعة للإمام الخسارة العظمى التي مني بها العالم الإسلامي بفقده للإمام رائد الحقّ والعدل في دنيا الإسلام.
ووقف ابن عبّاس وهو خائر القوى على ضريح الإمام وهو يندبه بذوب روحه قائلا :
وا أسفاه على أبي الحسن! ملك ـ والله! ـ فما غيّر ولا بدّل ولا قصّر ، ولا جمع ، ولا منع ، ولا آثر ، ولقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله ، ليث في الوغى ، بحر في المجالس ، حكيم الحكماء ، هيهات قد مضى في الدرجات العلى ... (١).
أشادت هذه الكلمات الذهبية التي أدلى بها حبر الامّة عبد الله بن عباس بمآثر الإمام والتي منها :
أوّلا ـ أنّها ألقت الأضواء على المعالم المشرقة لسياسة الإمام عليهالسلام أيام حكمه ، وكان البارز منها ما يلي :
١ ـ أنّ الإمام حينما استولى على الحكم لم يغيّر ، ولم يبدّل أي حكم من كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه ، وإنّما سار على المنهاج الكامل الذي سنّه رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٢ ـ ولم يقصّر الإمام في أي شأن من شئون الدولة ، وإنّما سار فيها سيرا سجحا
__________________
(١) مقتل الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ ابن أبي الدنيا : ١٠٩.