وعلى أي حال فقد ارغم الإمام على انتخاب الأشعري الذي جرّ للعراقيّين الويل والعطبا.
ولمّا اتّفق الفريقان على تحكيم ابن العاص والأشعري ، سجّلا وثيقة على ذلك ، وجاء فيها بعد البسملة :
هذا ما تقاضى عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، وشيعتهما فيما تراضيا به من الحكم بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، قضيّة عليّ على أهل العراق ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب ، وقضيّة معاوية على أهل الشام ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب.
إنّا رضينا أن ننزل عند حكم القرآن فيما حكم ، وأن نقف عند أمره فيما أمر ، وأن لا يجمع بيننا إلاّ ذلك ، وإنّا جعلنا كتاب الله فيما بيننا حكما فيما اختلفنا فيه من فاتحته إلى خاتمته ، نحيي ما أحيا ، ونميت ما أمات ، على ذلك تقاضيا وبه تراضيا ، وإنّ عليّا وشيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله بن قيس ناظرا ومحاكما ، ورضي معاوية وشيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظرا ومحاكما على أنّهما أخذوا عليهما عهد الله وميثاقه وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه ، ليتّخذان الكتاب إماما فيما بعثا له ، لا يعدوانه إلى غيره في الحكم بما وجداه مسطورا ، وما لم يجداه مسمّى في الكتاب ردّاه إلى سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله الجامعة لا يتعمدان لهما خلافا ، ولا يتبعان في ذلك لهما هوى ، ولا يدخلان في شبهة.
وأخذ عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص على عليّ ومعاوية عهد الله وميثاقه بالرضا بما حكما به من كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله وليس لهما أن ينقضا ذلك ولا يخالفاه إلى غيره ، وأنّهما آمنان في حكومتهما على دمائهما وأموالهما وأهلهما ما لم يعدوا