إلى الهجرة إلى الحبشة ، ولمّا أعزّ الله دينه ، ونصر عبده ورسوله ، وأرغم انوف القرشيّين ، دخلوا في الإسلام لا إيمانا به ، وإنّما كان خوفا من حدّ السيف.
وعرض الإمام عليهالسلام في رسالته إلى من هو أولى بأمر الامّة ، وأحقّ بخلافتها ، وهم العترة الطاهرة ، وذلك لقربها من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، بالإضافة إلى علمها بكتاب الله تعالى ، وإحاطتها بسنّة رسوله صلىاللهعليهوآله ، وغير العترة لا نصيب لها من العلم والفضل.
وختم الإمام رسالته بالدعوة إلى جمع الكلمة ، والمحافظة على دماء المسلمين.
وانتهت نسخة الإمام إلى معاوية فأجاب :
أمّا بعد .. فإنّه :
ليس بيني وبين
قيس عتاب |
|
غير طعن الكلى
وضرب الرّقاب |
ولمّا قرأ الإمام عليهالسلام هذا الجواب تلا قوله تعالى : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) (١).
وتهيّأت لمعاوية جميع الوسائل التي يستطيع بها على محاربة الإمام من العدد والعدّة ، فقد استطاع بمكره وخداعه أن يغري أهل الشام بأنّ الإمام عليهالسلام هو الذي قتل عثمان بن عفّان فكان ينشر قميصه الملطّخ بدمه على المنبر فيضجّ الشاميّون بالبكاء والعويل ، وكان كلّما فتر حزنهم يقول له ابن العاص بسخرية واستهزاء بهم :
حرّك لها حوارها تحن.
فيخرج لهم قميص عثمان ـ الذي هو كعجل بني إسرائيل ـ فيعود لهم الحزن
__________________
(١) القصص : ٥٦.