« استحلفا عائشة بحقّ الله ، وبحقّ رسوله على أربع خصال أن تصدق فيها : هل تعلم رجلا من قريش أولى منّي بالله ورسوله ، وإسلامي قبل كافّة النّاس أجمعين ، وكفايتي رسول الله صلىاللهعليهوآله كفّار العرب بسيفي ورمحي ، وعلى براءتي من دم عثمان ، وعلى أنّي لم أكن أستكره أحدا على بيعتي ، وعلى أنّي كنت أحسن قولا في عثمان منكما؟ ».
فأجابه طلحة جوابا منكرا ، ورقّ له الزبير ، وقفل الإمام راجعا إلى أصحابه فقالوا له : بم كلّمت الرجلين؟ فقال عليهالسلام :
« إنّ شأنهما لمختلف ، أمّا الزّبير فقاده اللّجاج ، ولن يقاتلكم ، وأمّا طلحة فسألته عن الحقّ فأجابني بالباطل ، ولقيته باليقين فقابلني بالشّكّ ، فو الله! ما نفعه الحقّ ، وأضرّ به الباطل ، وهو ـ أي طلحة ـ مقتول في الرّعيل .. » (١).
وتحقّق ما تنبّأ به الإمام عليهالسلام ، فقد صرع طلحة ، وزهقت نفسه لا على حقّ ، وإنّما على باطل صريح واضح.
ورأى الإمام عليهالسلام أن يكسب الزبير ، وينقذه من الضلالة فخرج إليه ، وقد اعتلى بغلة رسول الله صلىاللهعليهوآله الشهباء ، وكان عاريا من السلاح ، فنادى أين الزبير؟ فخرج إليه شاكّا بسلاحه ، فقيل لعائشة إنّ الزبير قد خرج للإمام ، فخافت عليه وصاحت :
واحرباه يا أسماء (٢)!
فقيل لها : إنّ عليّا خرج حاسرا فاطمأنّت ، واعتنق الإمام الزبير وقال له
__________________
(١) واقعة صفّين ـ محمّد بن زكريا : ٣٥.
(٢) أسماء : هي بنت أبي بكر ، اخت عائشة ، وهي زوجة الزبير ، وقد خافت عائشة عليه من القتل بيد الإمام فقالت : وا حرباه يا أسماء!