اللهمّ انصر عليا على الحقّ .. (١).
واستقبلت قريش خلافة الإمام عليهالسلام بكثير من الفزع والوجوم والاضطراب ؛ لأنّ الإمام عليهالسلام قد وترهم في سبيل الدعوة الإسلامية ، وقضى على الكثيرين من أعيانهم ووجوههم ، فقد قتل من أعلام بني أميّة عتبة بن ربيعة جدّ معاوية ، والوليد ابن عتبة خال معاوية ، وحنظلة أخاه ، وغيرهم من أقطاب الشرك والالحاد ، فكانت نفوسهم مترعة بالحقد والعداء للإمام ، ومضافا لذلك فإنّ سياسة الإمام ومنهجه في الحكم يتصادم مع مصالحهم ومنافعهم ، فالإمام يحارب الأثرة والاستغلال ، ولا يقرّ بحال من الأحوال سياسة النهب التي سار عليها عثمان ، لذلك كرهت قريش حكومة الإمام وأعلنت عليه التمرّد والعصيان.
وقد سارع الوليد ومعه بنو أميّة إلى الإمام ليبايعوه على الغضّ بما في أيديهم من الأموال التي استأثروا بها في أيام عثمان ، وقال الوليد للإمام :
إنّك قد وترتنا جميعا ، أمّا أنا فقتلت أبي صبرا يوم بدر ، وأمّا سعيد فقتلت أباه يوم بدر ، وكان أبوه من نور قريش ، وأمّا مروان فشتمت أباه ، وعبت على عثمان حين ضمّه إليه ، فنبايع على أن تضع عنّا ما أصبنا ، وتعفو لنا عمّا في أيدينا ، وتقتل قتلة صاحبنا ـ يعنى عثمان ..
فردّ عليه الإمام بمنطق الحقّ الذي لا تعيه قريش قائلا :
« أمّا ما ذكرت من وتري إيّاكم فالحقّ وتركم ، وأمّا وضعي عنكم عمّا في أيديكم فليس لي أن أضع حقّ الله عنكم ولا عن غيركم ، وأمّا إعفائي عمّا في أيديكم فما كان لله
__________________
(١) مآثر الانافة في معالم الخلافة ٢ : ٢٣١ ، وجاء فيه : « أنّ الناس بعد الدعاء للإمام اقتدوا به للدعاء للخلفاء ».