له اثنا عشر ألف رجل فشدّ على معسكر معاوية وقد رفع عقيرته قائلا :
ميعادنا اليوم
بياض الصّبح |
|
هل يصلح الزّاد
بغير ملح؟ |
لا لا ، ولا أمر
بغير نصح |
|
دبّوا إلى القوم
بطعن سمح |
مثل العزالى
بطعان نفح (١) |
|
لا صلح للقوم
وأين صلحي |
حسبي من الإقحام قاب رمح
ودبّ الأشعث مع الجيش وسيوفهم على عواتقهم ، وجعل يلقي رمحه وهو يستنهض همم الجيش قائلا : بأبي أنتم وأمّي تقدّموا قاب رمحي ، ولم يزل ذلك دأبه حتى خالط القوم ، ثمّ حسر عن رأسه ورفع صوته قائلا : أنا الأشعث بن قيس ، خلّوا عن الماء ، فنادى أبو الأعور السّلمي أما والله! لا تشربون من الماء حتى تأخذنا وإيّاكم السيوف ، فأجابه الأشعث قد والله! أظنّها دنت منّا ، وكان الأشتر قد قرب منه مع خيله حيث أمره الإمام بمساندة الأشعث ، وهجمت الخيل على الفرات وأخذت سيوف الحقّ تحصد رءوس أهل الشام حتى ولّوا مدبرين يلاحقهم العار والخزي (٢).
واحتلّت جيوش الإمام الفرات ، وأراد أصحابه أن يقابلوا جيش معاوية بالمثل فيحرموهم من الماء ، فأبى الإمام عليهالسلام وعاملهم معاملة المحسن الكريم ، فخلّى بين أعدائه وبين الماء ، وكانت هذه طبيعته التي تحكي الشرف والإحسان والبرّ ، وليس أي شيء منها في نفس معاوية ، فقد كانت نزعاته الشريرة اللؤم والخسّة.
شخص رجل من أهل الشام إلى الإمام عليهالسلام حينما كان في صفّين ، فقدّم له
__________________
(١) العزالى : جمع عزلاء ، وهي فم المزادة شبه بها اتّساع الطعنة ، واندفاق الدماء منها ، والنفح : الدفع.
(٢) وقعة صفّين : ١٨٥.