لمفتاح شرّ ، ومغلاق خير ، وأنّ فقدانك لحسرة وندامة ، ولو أنّ الناس قبلوك لأكلوا من فوق رءوسهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنّهم اختاروا الدنيا على الآخرة فأصبحوا بعدك حيارى في سبيل المطالب ، قد غلب عليهم الشقاء ، والداء العياء ، فهم ينتقضونها كما ينتقض الحبل من برمه ، فتبّا لهم خلفا تقبّلوا سخفا ، وباعوا كثيرا بقليل ، وجزيلا بيسير ، فكرّم الله مآبك ، وضاعف ثوابك ، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته (١).
ألمحت هذه الكلمة إلى أنّ حياة الإمام عليهالسلام كانت مفتاح خير وشرف وكرامة للامّة العربية والإسلامية ، فقد كان هذا الإمام الملهم العظيم من مصادر الرحمة والفيض ، وكان هبة من الله لعباده ولو أنّ المسلمين حالفهم التوفيق لثنيت له الوسادة وتسلّم قيادة الامّة بعد الرسول صلىاللهعليهوآله مباشرة ، ولكنّ الأضغان والأحقاد وكراهة قريش أن تجتمع النبوّة والخلافة في بيت واحد هي التي حرمت المسلمين من التمتّع بمواهب هذا الإمام وعدله.
ووقف القعقاع بن معبد بن زرارة التميمي على حافّة القبر الشريف وأخذ يصوغ من حزنه ولوعته على فقد الإمام قائلا :
رضوان الله عليك يا أمير المؤمنين! فو الله! لقد كانت حياتك مفتاح خير ، ولو أنّ الناس قبلوك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنّهم غمطوا النعمة ، وآثروا الدنيا على الآخرة (٢).
إنّ حياة الإمام مصدر هداية ورحمة وخير إلى الناس أجمعين ، ولو أنّ الأمور
__________________
(١) مقتل الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ ابن أبي الدنيا : ١٠٩.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٠٣.