لأنّ معك قوما لا يقولون إذا أمسكت ، ويسكتون إذا نطقت ، ولا يسألون إذا أمرت ، ومع عليّ قوم يقولون إذا قال ، ويسألون إذا سكت (١).
وكان باستطاعة الإمام أن يرجع جيشه إلى الطاعة ، ويقضي على تمرّدهم وذلك بسلوكه لأمرين :
١ ـ إرشاء الزعماء.
٢ ـ إعدام القادة المتمرّدين.
وابتعد الإمام عن ذلك كأشدّ ما يكون الابتعاد ، فلم يسلك في جميع فترات حياته طريقا ملتويا لا يقرّه الشرع ، ويأباه ضميره الحيّ ، وقد أعلن الإمام عليهالسلام ذلك في بعض خطبه قال :
« وإنّي لعالم بما يصلحكم ، ويقيم أودكم ، ولكنّي لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي. أضرع الله خدودكم ، وأتعس جدودكم! لا تعرفون الحقّ كمعرفتكم الباطل ، ولا تبطلون الباطل كإبطالكم الحقّ! » (٢).
لقد انساب جيشه وراء الباطل وأمعنوا في اقتراف الإثم ، وكان باستطاعته أن يقيم أودهم ، ويصلح شأنهم ، ولكن ذلك بارتكاب ما حرّمه الإسلام من الرشوة وغيرها.
ولم تقف محنة الإمام المظلوم عند حدّ ، فقد أخذت تتتابع عليه الكوارث والخطوب يتبع بعضها بعضا ، فإنّه لم يكد ينتهي من قتال المارقين حتى ابتلي في أمر
__________________
(١) الأخبار الطوال : ١٥٦.
(٢) نهج البلاغة ١ : ١١٨.