إنّ هذا المجرم العميل هو الذي نادى بالتحكيم ، ورشّح الأشعري ليكون ممثّلا عن العراقيّين ، وهو الذي اشترك في اغتيال الإمام عليهالسلام ، وقد تمّت بوارق آماله بقتل الإمام.
والقي القبض على المجرم الأثيم ابن ملجم فجيء به مكشوف الرأس ، مكتوفا فأوقف بين يدي الإمام الزكي الحسن عليهالسلام ، فقال له :
« يا ملعون ، قتلت أمير المؤمنين ، وإمام المسلمين ، هذا جزاؤه حين آواك وقرّبك ، حتّى تجازيه بهذا الجزاء ...؟ ».
والتفت الإمام الحسن إلى أبيه قائلا :
« يا أبة ، هذا عدوّ الله وعدوّك ابن ملجم قد أمكننا الله منه ».
وفتح الإمام عينيه وقال له بصوت خافت :
« لقد جئت شيئا إدّا وأمرا عظيما ، ألم أشفق عليك وأقدّمك على غيرك في العطاء فلما ذا تجازيني بهذا الجزاء؟ ».
والتفت الإمام إلى ولده فجعل يوصيهم بالبرّ إلى قاتله قائلا :
« أطعموه ، واسقوه ، فإن عشت فأنا وليّ دمي ، إن شئت قتلت ، وإن شئت عفوت ، وإن متّ فاقتلوه ، ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبّ المعتدين » (١).
وبهر الإمام الحسن من وصيّة أبيه بالبر والإحسان لقاتله قائلا :
« يا أبتاه ، قتلك هذا اللّعين ، وفجعنا بك ، وأنت تأمرنا بالرّفق به ».
__________________
(١) النجوم الزاهرة ١ : ١١٩.