« ما أخلقه أن ينكث »!
وقد نكث بيعته ، وخاس بعهده ، وأعلن التمرّد والعصيان على حكومة الإمام عليهالسلام ، كما سنتحدّث عن ذلك.
وعلى أي حال فقد انثالت الجماهير تبايع الإمام وهي إنّما تبايع الله ورسوله ، وقد بايعته القوّات المسلّحة من المصريّين والعراقيّين وغيرهم ، كما بايعه عرب الأمصار وأهل بدر والمهاجرون والأنصار عامّة (١).
ولم يظفر أحد من الخلفاء بمثل هذه البيعة في شمولها واتّساعها ، فلم تكن بيعته « فلتة » كما كانت بيعة أبي بكر ، ولا تضارعها بيعة أي أحد من الخلفاء (٢).
وابتهج المسلمون بهذه البيعة ، وعمّت الفرحة الكبرى جميع أنحاء العالم الإسلامي ، فقد رجع الحقّ إلى نصابه وقامت دولة العدل ، وتقلّد الخلافة أبو الأيتام وناصر المحرومين والمظلومين. وقد حكى الإمام في بعض خطبه مدى سرور الناس ببيعته ، قال عليهالسلام :
« وبلغ من سرور النّاس ببيعتهم إيّاى أن ابتهج بها الصّغير ، وهدج إليها الكبير ، وتحامل نحوها العليل ، وحسرت إليها الكعاب ».
لقد انتشرت في ذلك اليوم الخالد في دنيا الإسلام ألوية العدالة الإسلامية ، وتحقّقت الأهداف الأصيلة التي ينشدها الإسلام في عالم السياسة والإدارة والحكم.
__________________
(١) أنساب الأشراف ٥ : ٢٢.
(٢) كانت بيعة الإمام يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجّة ، ذكر ذلك البلاذري في أنساب الأشراف ( ٣ : ٩٣٣ ) وفي جواهر المطالب ( ١ : ٢٩١ ) أنّ بيعته كانت يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من ذي الحجّة سنة ٣٥ ه.