مولى الأنصار قال :
كنت عند المسجد فمرّ عثمان فنادته عائشة : يا غادر! يا فاجر! حقّرت أمانتك ، وضيّعت رعيّتك لو لا الصلوات الخمس لمشى إليك الرجال حتى يذبحوك ذبح الشاة. فقال عثمان :
( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١).
إنّ السيّدة عائشة كانت في طليعة الثائرين على حكومة عثمان ، وقد أشعلت العواطف ، وألهبت القلوب ضده ، فأباحت دمه وجرّدته من جميع الشرعية للحكم ، ولمّا علمت بدنوّ مصرعه على أيدي الثوّار غادرت يثرب ، واتّجهت صوب مكّة تترقّب أخباره بفارغ الصبر.
وغادرت عائشة مكّة متّجهة صوب المدينة ، فلمّا انتهت إلى سرف (٢) لقيها عبيد بن أمّ كلاب فبادرت مسرعة تسأله عن الأحداث قائلة له :
مهيم ـ يعني ما عندك من نبأ؟
قتلوا عثمان.
ولم تهتمّ بقتله ، وإنّما كانت تترقّب الخليفة من بعده ، فقالت :
ثمّ صنعوا ما ذا؟
أخذها أهل المدينة بالإجماع فجازت بهم الأمور إلى غير مجاز ، اجتمعوا إلى
__________________
(١) التحريم : ١٠.
(٢) سرف : موضع يقع على مسيرة ليلة من مكّة.