( ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) (١) وانّ الله تعالى إذا مقت قوما من السّماء هلكوا في الأرض ، فلا تألوا أنفسكم خيرا ، ولا الجند حسن سيرة ، ولا الرّعيّة معونة ، ولا دين الله قوّة ، وأبلوا في سبيل الله ما استوجب عليكم ، فإنّ الله سبحانه قد اصطنع عندنا وعندكم أن نشكره بجهدنا ، وأن ننصره بما بلغت قوّتنا ، ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم (٢).
حكت هذه الرسالة دعوة الإمام عليهالسلام لامراء جنده بالاستقامة والتوازن في سلوكهم ، واتّباع مرضاة الله تعالى ، والعمل بطاعته ، والاجتناب عن سخطه ومعاصيه لينزل الله تعالى عليهم نصره وتأييده.
كتب الإمام عليهالسلام رسالة إلى القرشيّين بما فيهم معاوية يدعوهم جميعا إلى حقن الدماء ، وجمع الكلمة ، وجاء في رسالته لهم بعد البسملة :
« سلام عليكم ، فإنّي أحمد الله الّذي لا إله إلاّ هو.
أمّا بعد .. فإنّ لله تعالى عبادا آمنوا بالتّنزيل ، وعرفوا التّأويل ، وتفقّهوا في الدّين ، وبيّن الله فضلهم في القرآن الحكيم ، وأنتم في ذلك الزّمان أعداء للرّسول تكذّبون بالكتاب ، ومجمعون على حرب المسلمين ، من ثقفتم (٣) منهم حبستموه أو عذّبتموه أو قتلتموه حتّى أراد الله إعزاز دينه ، وإظهار أمره ، فدخلت العرب في الدّين أفواجا ،
__________________
(١) الفرقان : ٧٧.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٢٨٢.
(٣) ثقفتم : أي صادفتم.