و نهاهم تحذيرا ، وكلّف يسيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يطع مكرها ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يكلّف عسيرا ، ولم يرسل الأنبياء لعبا ، ولم ينزل الكتب إلى عباده عبثا ، ولا خلق السّماوات والأرض وما بينهما باطلا ، ( ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) (١).
وبادر الشامي قائلا :
فما القضاء والقدر الذي كان مسيرنا بهما وعنهما؟
فأجابه الإمام عن الحكمة في ذلك قائلا :
« الأمر من الله بذلك والحكم » ، ثمّ تلا : ( وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) (٢).
واقتنع الشامي بما أدلاه الإمام من الحجج قائلا :
فرّجت عنّي فرّج الله عنك يا أمير المؤمنين! ثمّ أنشأ قائلا :
أنت الإمام
الّذي نرجو بطاعته |
|
يوم الحساب من
الرّحمن غفرانا |
أوضحت من أمرنا
ما كان ملتبسا |
|
جزاك ربّك
بالإحسان إحسانا (٣) |
كان الإمام عليهالسلام متحرّجا كأشدّ ما يكون التحرّج في دماء المسلمين ، فقد جهد نفسه على نشر السلم والوئام ، واجتناب الحرب ، فأوفد كوكبة من أصحابه إلى معاوية يدعونه إلى حقن الدماء ، ويحذّرونه مغبة ما يحدث من الخسائر بين
__________________
(١) سورة ص : ٢٧.
(٢) الأحزاب : ٣٨.
(٣) أمالي المرتضى ١ : ١٥٠ ـ ١٥١.