وأكثر من الدّعاء فإنّي لم آلك يا بنيّ نصحا ، وهذا فراق بيني وبينك.
واوصيك بأخيك محمّد خيرا فإنّه شقيقك ، وابن أبيك ، وقد تعلم حبّي له ، وأمّا أخوك الحسين فهو ابن امّك ، ولا اريد الوصاة بذلك العظم ، والله الخليفة عليكم ، وإيّاه أسأل أن يصلحكم ، وأن يكفّ الطّغاة والبغاة عنكم ، والصّبر الصّبر حتّى ينزل الله الأمر ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم » (١).
وحكت هذه الوصية اصول الآداب ومحاسن الصفات ومعالي الأخلاق ودعت أبناء الإمام عليهالسلام إلى التحلّي بها ، وتطبيقها على واقع حياتهم ليكونوا سادة الامّة ، ومصدر هدايتها وسعادتها.
ووفدت كوكبة من أصحاب الإمام عليهالسلام لعيادته ، كان منهم :
تشرّف حبيب بن عمرو بعيادة الإمام عليهالسلام ، فقال له بلطف : يا أمير المؤمنين ، ما جرحك هذا بشيء؟ وما بك من بأس ...
فنظر إليه الإمام برفق وقال له :
« يا حبيب ، أنا والله! مفارقكم السّاعة ».
فكان ذلك كالصاعقة على حبيب فلم يملك نفسه ، وإنّما أجهش بالبكاء ، وكانت السيّدة أمّ كلثوم إلى جانب أبيها ، فبكت بكاء مرّا فالتفت إليها الإمام قائلا :
« ما يبكيك يا بنيّة؟ ».
__________________
(١) المجالس السنيّة ٢ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦. نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ٨ : ١٣٧ ـ ١٤٣.