ويضع السيف في رقاب اخوانهم وأبنائهم في يثرب ، فخافوا ذلك ، وأطلقوا سراحه ، فانطلق حتى التحق بالإمام عليهالسلام في بعض طريقه إلى البصرة ، فلمّا دخل على الإمام قال له مداعبا :
أرسلتني إلى البصرة شيخا فجئتك أمرد ...
وأوغرت هذه الأحداث صدور الناس بالبصرة ، وفرّقت كلمتهم ، فطائفة التحقت بالإمام عليهالسلام ، وطائفة أخرى التحقت بعائشة ، وطائفة ثالثة اعتزلت الفتنة ، ولم يطب لها الانضمام إلى إحدى الطائفتين.
وتهالك حزب طلحة وحزب الزبير على الصلاة ، فكان كلّ منهما يريد إمامة الجماعة ليكون هو الزعيم في المستقبل ، وأدّى النزاع بينهما إلى فوت وقت الصلاة ، وخافت عائشة من تطوّر الأحداث فأمرت أن يصلّي بالناس يوما محمّد بن طلحة ، ويوما عبد الله بن الزبير (١) ، وذهب ابن الزبير ليصلّي بالناس فجذبه ابن طلحة ، وتقدّم ابن طلحة ليصلّي فمنعه ابن الزبير ، ورأى الناس أنّ خير وسيلة لحسم النزاع بينهما القرعة ، فاقترعا فخرج ابن طلحة فتقدّم وصلّى بالناس ، وقرأ في صلاته ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) (٢) ، وحكت الآية عن العذاب الذي مني به المسلمون من جرّاء هؤلاء الذين دفعتهم الأطماع السياسية إلى التلاعب في شئون الدين.
وعلى أي حال فقد أثارت هذه الصور الهزيلة السخرية والاستهانة بهم بين الناس ، وفي ذلك يقول الشاعر باستهزاء :
تبارى الغلامان
إذ صليا |
|
و شحّ على الملك
شيخاهما |
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٥٧.
(٢) المعارج : ١.