ولم يحفل الإمام عليهالسلام بالمهرجانات الشعبية ونفر منها ، وكان من ذلك أنّه لمّا قدم من حرب الجمل واجتاز على المدائن خرج أهلها لاستقباله ، وعلت زغردة النساء ، وذهل الإمام من ذلك فسألهم عن مهرجانهم ، فقالوا له : إنّا نستقبل ملوكنا بمثل ذلك ، فقال لهم الإمام بما مضمونه : إنّه ليس ملكا وإنّما هو كأحدهم ، يقيم فيهم الحقّ والعدل ، ولم ينصرف عن مكانه حتى انصرف الناس إلى أعمالهم.
كان النجاشي شاعرا رقيقا في نظمه ، موهوبا في أدبه ، وهو من شعراء الإمام عليهالسلام ، والشعراء في تلك العصور ألسنة الأمّة ، ووسائل إعلامها ، وقد شرب النجاشي الخمر في شهر رمضان ، فقد أغراه أبو سمّال العدويّ ، وقال له : ما تقول في رءوس حملان في كرش في تنوّر قد أينع من أوّل الليل إلى آخره؟ فقال له النجاشي : ويحك! في شهر رمضان تقول هذا؟ فقال له : ما شهر رمضان وشوّال إلاّ سواء ، وقال له النجاشي : فما تسقيني عليه؟ قال : شرابا كأنّه الورس يطيّب النفس ويجري في العظام ويسهّل الكلام ، ودخلا المنزل فأكلا وشربا ، فلمّا أخذ الشراب منهما مأخذا تفاخرا ، وعلت أصواتهما ، فسمع جار صوتهما فسارع إلى الإمام فأخبره ، فأرسل للقبض عليهما بعض شرطته ، فأمّا أبو سمّال فقد هرب ولم يقبض عليه ، وأمّا النجاشي فقد قبضت عليه الشرطة وجاءت به مخفورا إلى الإمام فقال له :
« ويحك! إنّنا صيام وأنت مفطر؟ ».
ثمّ أمر أن يضرب ثمانين سوطا ، وزاده عشرين سوطا ، فقال النجاشي :
ما هذه الزيادة يا أبا الحسن؟ ..
فقال عليهالسلام : « لجرأتك على الله في شهر رمضان » ، ثمّ رفعه إلى الناس في