أمّا عمّار بن ياسر فهو من أفضل صحابة النبيّ صلىاللهعليهوآله ومن أكثرهم جهادا في الإسلام ، وكان أثيرا عند النبيّ صلىاللهعليهوآله فقد أخلص له في الحبّ كأعظم ما يكون الإخلاص ، وقد اثرت في حقّه بعض الآيات والروايات ، وبعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله لازم وصيّه وباب مدينة علمه ، وقد آمن إيمانا لا يخامره شكّ أو وهم أنّ الإمام أولى بمركز النبيّ ، وأحقّ بمقامه ، وقد احتفّ به وناصره ، وجاهد معه في حرب الجمل ، وفي أيام صفّين كان عضدا للإمام ، وقد بلغ ذروة الشيخوخة فقد ناهز التسعين عاما أو أكثر من ذلك ، وكان قلبه وبصيرته بمأمن من الشيخوخة ، فكان في معركة صفّين نشطا قويا كأنّه في ريعان الشباب ، وقد حارب ابن العاص وهو يشير إلى رايته قائلا :
والله! إنّ هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات ، وما هذه بأرشدهنّ ...
وكان يبعث الحماس والعزم في جيش الإمام قائلا لهم :
والله! لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحقّ وهم على الباطل ...
ويقول الرواة إنّه جلس مبكّرا في يوم من أيام صفّين ، وقد ازداد قلبه وجيبا وشوقا إلى ملاقاة حبيبه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وملاقاة أبويه الشهيدين ياسر وسميّة ، فخفّ مسرعا نحو الإمام يطلب منه الإذن ليلج في الحرب لعلّه يرزق الشهادة وعرض ذلك على الإمام فلم يسمح له بذلك ، وظلّ يعاود الإمام مستأذنا على ذلك ، فلم تطب نفس الإمام بالسماح له ، وراح يلحّ عليه فلم يجد بدّا من إجابته ، فأذن له ، وقد ذابت نفس الإمام حزنا عليه ، وقد أجهش بالبكاء.
وانطلق عمّار إلى ساحة الحرب وهو جذلان فرح بما سيصير إليه من الشهادة وملاقاة الأحبّة وقد رفع صوته عاليا :
اليوم ألقى
الأحبّه |
|
محمّدا وحزبه ... |