برهن في جميع أدوار حياته على الزهد في الدنيا والعزوف عن جميع رغباتها.
وهرعت الجماهير إلى الجامع الأعظم وهي تنتظر بفارغ الصبر قبول الإمام لخلافتهم ، وأقبل الإمام عليهالسلام وإلى جانبيه سبطا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد احتفّت به البقيّة الطاهرة من صحابة رسول الله كعمار بن ياسر ومالك الأشتر وغيرهما ، وقد ارتفعت أصوات الجماهير بالتأييد الكامل له والهتاف بحياته ، فاعتلى عليهالسلام أعواد المنبر وخاطب الجماهير :
« أيّها النّاس! إنّ هذا أمركم ليس لأحد فيه حقّ إلاّ من أمّرتم ، وقد افترقنا بالأمس وكنت كارها لأمركم ، فأبيتم إلاّ أن اكون عليكم ، ألا وإنّه ليس لي أن آخذ درهما دونكم ، فإن شئتم قعدت لكم ، وإلاّ فلا آخذ على احد ـ يعني البيعة ».
وحكى كلام الإمام عليهالسلام أنّ أمر الخلافة راجع إلى الأمّة ، وليس له أي دخل فيه ، كما أعرب الإمام عن سياسته المالية ، فهو يحتاط فيها كأشدّ ما يكون الاحتياط ، فإنّه لا يستأثر بدرهم واحد فينفقه على نفسه أو على من يختصّ به ، وقد أشار بذلك إلى الحكم المباد ، فقد نهب الأمويّون أموال المسلمين وأنفقوها على شهواتهم ورغباتهم.
وعلى أي حال فقد تعالت الهتافات من جميع جنبات الجامع وهي تعلن الاصرار الكامل على انتخابه قائلين :
نحن على ما فارقناك عليه بالأمس ..
وتدافعت الجماهير إلى بيعته ، وتقدّم طلحة فبايع بيده الشلاّء التي سرعان ما نكث بها عهد الله ، وتطيّر منه الإمام وقال :