الأعراب عليه لا يريمون عنه ، ويقدّمون نفوسهم بسخاء للحفاظ عليه.
رأى الإمام عليهالسلام أنّ الحرب لا تنتهي ما دام الجمل موجودا فرفع صوته عاليا :
« اعقروا الجمل ، فإنّه شيطان ، اعقروه وإلاّ فنيت العرب ، لا يزال السّيف قائما وراكعا حتّى يهوي هذا البعير إلى الأرض » (١).
فحمل عليه ـ في رواية ـ الإمام الحسن عليهالسلام فقطع يده اليمنى ، وشدّ عليه الإمام الحسين فقطع يده اليسرى فهوى إلى جنبه وله عجيج منكر لم يسمع مثله ، كأنّه عجل بني إسرائيل.
وفرّ حماة الجمل في البيداء لا يلوون على شيء فقد تحطّم صنمهم الذي قدّموا له هذه القرابين ، وأمر الإمام عليهالسلام بحرقه وذري رماده في الهواء لئلاّ تبقى منه بقيّة تكون مصدر فتنة وبلاء ، وبعد الفراغ من حرقه قال عليهالسلام :
« لعنه الله من دابة ، ما أشبهه بعجل بني إسرائيل » ، ثمّ مدّ بصره نحو الرماد الذي تناهبته الريح وتلا قوله تعالى : ( وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ) (٢).
وبذلك فقد وضعت الحرب أوزارها ، وكتب النصر الحاسم للإمام ـ وباءت القوى المعادية له بالهزيمة والخسران.
وأوفد الإمام الممتحن للقيى عائشة السبطين الحسن والحسين عليهماالسلام ومحمّد بن
__________________
(١) وقعة الجمل : ٤٥.
(٢) طه : ٩٧.