في عينيه من دموع ، وبكى لبكائه جميع من حضر المجلس ، وساد الحزن وعمّ الأسى ، فقد توفّي الموجّه والمربّي والقائد الذي يحنّ ويعطف عليهم ، ويتبنّى قضاياهم ومصيرهم.
لقد حفل خطاب الإمام الحسن عليهالسلام لأبيه بما يلي :
١ ـ أنّه أشاد بجهاد أبيه في نصرة الإسلام ، والذبّ عن مبادئه وقيمه ، وأنّه وقى النبيّ صلىاللهعليهوآله بمهجته ونفسه.
٢ ـ أنّ الإمام عليهالسلام لم يسبقه الأوّلون بعمل صالح ، ولا يدركه الآخرون كذلك ، وتمثّلت بهذه الكلمة بلاغة الإعجاز وروعة الايجاز فقد حكت أنّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أسمى شخصية في الأرض لم يصل إلى ما وصل إليه من الفضائل لا الأوّلون ولا الآخرون عدا النبيّ صلىاللهعليهوآله .
٣ ـ أنّ الإمام عليهالسلام قد ارتحل إلى حظيرة القدس في أفضل ليلة ، وهي الليلة التي عرج فيها عيسى بن مريم إلى السماء ويوشع بن نون وصيّ موسى ، فما أعظمها حتى قيل إنّها من ليالي القدر.
٤ ـ أنّ الإمام الحسن عليهالسلام أعرب عن زهد أبيه حينما تقلّد الخلافة الإسلامية ، فإنّه لم يترك صفراء ولا بيضاء ، ولا دارا ولا عقارا ، وتحرّج كأشدّ ما يكون التحرّج في أموال الدولة فلم يصطف لنفسه ، ولا لأبنائه أي شيء منها ، ورفض رفضا كاملا جميع متع الحياة وملاذها.
ووقف صعصعة بن صوحان على حافة قبر الإمام ، وهو حيران قد أذهله الخطب ، واضعا إحدى يديه على فؤاده ، والاخرى قد ملأها ترابا ، وهو يضرب بها على رأسه وهو يقول :