وانتهج الإمام عليهالسلام طريقة خاصّة في العطاء ، وهي التسوية بين المسلمين ، فلم يميّز قوما على قوم ، ولا فئة على فئة ، وقد جرت له هذه السياسة الأزمات ، وخلقت له المصاعب ، فقد فسد عليه جيشه وتنكّرت له الوجوه والأعيان ، وناهضته الرأسمالية القرشية التي استأثرت بأموال المسلمين في عهد الخلفاء.
وقد خالف الإمام عليهالسلام بذلك سياسة عمر التي بنيت على التفاوت بين المسلمين في العطاء فقد فضّل البدريّين على غيرهم ، وفضّل الأنصار على غيرهم ، وبذلك فقد أوجد الطبقيّة والرأسمالية بين المسلمين ..
لقد ألغى الإمام هذه السياسة إلغاء تامّا ، وساوى بين المسلمين كما كان يفعل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولمّا مني جيش الإمام عليهالسلام بالانحلال والتخاذل واتّجهوا صوب معاوية سارع ابن عباس نحو الإمام عليهالسلام فعرض عليه حالة جيشه ، وما يصلحه قائلا :
يا أمير المؤمنين ، فضّل العرب على العجم ، وفضّل قريشا على سائر العرب ..
فرمقه الإمام بطرفه ، وردّ عليه قائلا :
« أتأمرونّي أن أطلب النّصر بالجور؟ ولو كان المال لي لسويت بينهم ، فكيف وإنّما المال مال الله ».
لقد تبنّى هذا العملاق العظيم مصالح البؤساء والمحرومين وآثرهم على كلّ شيء ، فمن مظاهر عدله في مساواته أنّ سيّدة قرشية ، وفدت عليه طالبة منه زيادة مرتبها ، فلمّا انتهت إلى الكوفة لم تهتد إلى محل إقامته ، فسألت سيّدة عنه ، وطلبت منها أن تأتي معها لتدلّها عليه وسارت معها السيّدة ، فسألتها القرشية عن مرتبها فأخبرتها به ، وإذا هو يساوي مرتبها ، وسألتها عن هويّتها فأخبرتها أنّها أعجمية ،