عليه ، فقدّم النبيّ صلىاللهعليهوآله اسرته الممجّدة للدفاع عن حياض الإسلام ، فاستشهد عبيدة يوم بدر وعمّه حمزة في يوم احد ، وابن عمّه جعفر في واقعة مؤتة ، فاسرة النبيّ صلىاللهعليهوآله هي المحامية عن الإسلام ، والمناصرة له في أيام محنته وغربته ، فهي أولى بمركز النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأحقّ بمقامه من غيرها ، الذين ليس لهم أيّة سابقة أو جهاد يذكر في سبيل الله تعالى.
كما ذكرت هذه الرسالة موقف الإمام عليهالسلام من الخلفاء وكان متّسما بالكراهية وعدم الرضا لأنّهم تقمّصوا حقّه ، ونهبوا تراثه ، والله تعالى هو الذي يحكم بينهم وبين الإمام حينما يعرضون عليه .. هذه لقطات ممّا حفلت به هذه الرسالة.
أرسل معاوية إلى الإمام عليهالسلام هذه الرسالة مع أبي امامة الباهلي ، وليس في أي بند من بنودها موطن حقّ وصدق ، وهذه نسختها :
من عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلى عليّ بن أبي طالب.
أمّا بعد .. فإنّ الله تعالى جدّه اصطفى محمّدا عليه الصلاة والسلام لرسالته ، واختصّه بوحيه ، وتأدية شريعته ، فأنقذ به من العماية (١) وهدى به من الغواية ، ثمّ قبضه إليه رشيدا حميدا ، قد بلغ الشرع ، ومحق الشرك ، وأخمد نار الإفك ، فأحسن الله جزاءه ، وضاعف عليه نعمه وآلاءه (٢) ، ثمّ إنّ الله سبحانه اختصّ محمّدا عليه الصلاة والسلام بأصحاب أيّدوه ونصروه ، وكانوا كما قال الله سبحانه لهم : ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) (٣) فكان أفضلهم مرتبة ، وأعلاهم عند الله والمسلمين
__________________
(١) العماية : الغواية والإفك.
(٢) الآلاء : النعم.
(٣) الفتح : ٢٩.