في البحوث السابقة ، وأمّا تسليم الإمام قتلة عثمان فإنّ معاوية يعلم باستحالته لأنّ الذي قتله هي القوّات المسلّحة من المصريّين والعراقين ، وفي طليعتهم خيار الصحابة كعمّار بن ياسر ، وعمرو بن حمق الخزاعي ، ومحمّد بن أبي بكر فكيف يسلمهم الإمام إلى معاوية؟ بالإضافة إلى أنّهم قتلوه بحجّة شرعية حسب ما يرون ، والحدود تدرأ بالشبهات.
ومن مغالطات هذه الرسالة أنّ معاوية جرّد نفسه من الطمع بالخلافة ، وأنّه لا شأن له بها وهو إنّما ثار على الإمام من أجل الملك والسلطان.
وعلى أي حال فلم يخف على أهل المدينة زيف رسالته ، وأجابوه جوابا عنيفا جاء فيه :
أمّا بعد .. فإنّك أخطأت خطأ عظيما ، وأخطأت مواضع النصرة وتناولتها من مكان بعيد .. وما أنت والخلافة وأنت طليق وأبوك من الأحزاب؟ فكفّ عنّا ، فليس لك قبلنا وليّ ولا نصير (١).
هذه بعض الرسائل التي بعثها معاوية للوجوه والأعيان لخداعهم وتضليلهم ، وقد استجاب له بعضهم فالتحقوا به في حرب صفّين كما أخذ بعض المنافقين يثبّط العزائم من الالتحاق بجيش الإمام.
وعمد معاوية إلى تضليل الرأي العامّ في الشام ، فأشاع فيهم أنّ الإمام هو الذي سفك دم عثمان ، وهو المسئول عن دمه ، وهذه صور من تضليله :
١ ـ أرسل معاوية إلى الزعيم الكبير قيس بن سعد رسالة يستميله فيها ، ويمنّيه
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١١٨.