بسلطان العراقين ، وبسلطان الحجاز لمن أحبّ من أهل بيته ، فردّ عليه قيس بأعنف الردّ ، فلمّا قرأه أظهر لأهل الشام أنّ قيسا قد بايع ، وأمرهم بالدعاء له ، وافتعل كتابا نسبه إليه ، وأوعز بقراءته عليهم وهذا نصّه :
أمّا بعد .. فإنّ قتل عثمان كان حدثا في الإسلام عظيما ، وقد نظرت لنفسي وديني ، فلم أر يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برّا تقيّا فنستغفر الله لذنوبنا ، ألا وإنّي ألقيت لكم بالسّلم ، وأحبّ قتال قتلة إمام الهدى المظلوم ، فاطلب منّي ما أحببت من الأموال والرجال اعجّله إليك (١).
ولم يشكّ أهل الشام في صدق هذه الرسالة فاندفعوا بشوق إلى مناصرته ، والطلب بدم عثمان.
٢ ـ أنّ الإمام عليهالسلام لمّا أوفد جريرا البجلي إلى معاوية يدعوه إلى بيعته ، أمر معاوية بحضور شرحبيل الكندي ، وهو من أبرز الشخصيات في الشام ، وعهد معاوية إلى عصابة من أعوانه أن ينفرد كلّ واحد منهم بشرحبيل ويلقي في روعه أنّ عليّا هو الذي قتل عثمان بن عفّان ، والتقى شرحبيل بمعاوية ، فأخبره بوفادة البجلي عليه من قبل الإمام ، وأنّه يدعوه إلى بيعته ، وأنّه لم يستجب له حتّى يأخذ رأيه في ذلك لأنّ الإمام هو الذي قتل عثمان ، وطلب شرحبيل منه أن يمهله حتّى يستبين له الأمر ، فلمّا خرج منه التقى به القوم على انفراد ، وأخبره كلّ واحد منهم بأنّ عليّا هو الذي قتل عثمان ، فلم يشكّ في صدقهم وقفل راجعا إلى معاوية وهو يلهث قائلا :
يا معاوية ، أين الناس؟ ألاّ إنّ عليّا قتل عثمان ، والله! إن بايعت لنخرجنّك من شامنا أو لنقتلنّك ...
فقال معاوية مخادعا له :
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ١٢٩.