يا أمير المؤمنين ، ليس عليك بأس ، إنّما هو خدش ...
فأجابه الإمام آيسا من حياته قائلا :
« إنّي مفارقكم ».
ثمّ اغمي عليه فبكت السيّدة أمّ كلثوم بكاء عاليا ، فانتبه الإمام ، فلمّا رآها تبكي قال لها :
« يا أمّ كلثوم ، لا تؤذيني فإنّك لو ترين ما أرى ، إنّ الملائكة من السّماوات السّبع بعضهم خلف بعض ، والنّبيّين يقولون : انطلق فما أمامك خير لك ممّا أنت فيه » (١).
إنّ ملائكة السماء ـ ومعهم النبيّون ـ يستقبلون روح إمام المتّقين وسيّد العابدين الممتحن والصابر على ما ألمّ به من الأحداث الجسام التي مزّقت قلبه أسى وحزنا ، وكان من أعظمها فجيعة انتصار معاوية الباغي الأثيم ، وافول دولة الحقّ.
أمّا صعصعة فكان من الأخيار الزاهدين في الدنيا ، والمتحرّجين في دينه ، وكان على اتّصال وثيق بالإمام عليهالسلام ، وقد هرع لعيادته وقال للرجل الذي يتولّى الإذن بالدخول عليه ، قل له :
يا أمير المؤمنين ، يرحمك الله ، فلقد كنت خفيف المئونة ، كثير المعونة (٢).
ودخل صعصعة على الإمام فرآه يجود بنفسه قد خيّم عليه الموت ، فاضطرب صعصعة ، وودّ أنّ المنية قد وافته ولم يشاهد الإمام بمثل هذه الحالة.
أمّا حجر بن عدي الشهيد الخالد في دنيا الإسلام فكان من خيار أصحاب
__________________
(١) أمالي الشيخ الطوسي : ١٢٣.
(٢) مقاتل الطالبيّين : ٥٠.