ولمّا اذيع مقتل عمّار وقعت الفتنة في جيش معاوية ، فقد سمع الجميع مقالة النبيّ صلىاللهعليهوآله في حقّه : « تقتله الفئة الباغية » فقد اتّضح لهم أنّهم الفئة الباغية التي عناها النبيّ صلىاللهعليهوآله وكان ابن العاص من بين الذين رووا حديث النبيّ صلىاللهعليهوآله في عمّار تقتله الفئة الباغية ، وشاع ذلك عنه في أوساط أهل الشام ، فتراجع بعض العارفين من أصحاب معاوية والتحقوا بالإمام كان منهم العنسي ، وهو القائل :
والرّاقصات بركب
عامدين له |
|
إنّ الذي جاء من
عمرو لمأثور |
قد كنت أسمع
والأنباء شائعة |
|
هذا الحديث فقلت
الكذب والزّور |
حتّى تلقّيته من
أهل عيبته |
|
فاليوم أرجع
والمغرور مغرور |
واليوم أبرأ من
عمرو وشيعته |
|
ومن معاوية
المحدو به العير |
لا لا اقاتل عمّارا
على طمع |
|
بعد الرّواية
حتّى ينفخ الصّور |
تركت عمرا
وأشياعا له نكدا |
|
إنّي بتركهم يا
صاح معذور |
يا ذا الكلاع
فدع لي معشرا كفروا |
|
أو لا فديتك عين
فيه تعزير |
ما في مقال رسول
الله في رجل |
|
شكّ ولا في مقال
الرّسل تحبير (١) |
وأنت ترى في هذا الشعر مدى التراجع الذي لا حق العنسي ، فقد بانت له الحقيقة وآمن أنّ معاوية وابن العاص على باطل لا شكّ فيه ، وأنّ الحقّ مع عمّار ومع الإمام عليهالسلام.
وغضب معاوية على ابن العاص لروايته الحديث في عمّار وانتفخ سحره فقال له بغضب :
أفسدت عليّ أهل الشام ، أكلّ ما سمعته من رسول الله تقوله؟
__________________
(١) وقعة صفّين : ٣٩٠ ـ ٣٩١.