ومشى لمصرعه كئيبا حزينا ، وعيناه تفيضان دموعا ، وسار معه قادة الجيش ، وهم يذرفون الدموع.
ولمّا انتهى الإمام عليهالسلام إلى الجثمان المقدّس ألقى بنفسه عليه وجعل يوسعه تقبيلا وأخذ يؤبّنه بحرارة قائلا :
« إنّ امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل عمّار ـ ويدخل عليه بقتله مصيبة موجعة ـ لغير رشيد.
رحم الله عمّارا يوم أسلم.
ورحم الله عمّارا يوم قتل.
ورحم الله عمّارا يوم يبعث حيّا.
لقد رأيت عمّارا ما يذكر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله أربعة إلاّ كان الرّابع ، ولا خمسة إلاّ كان الخامس ، وما كان أحد من أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله يشكّ في أنّ عمّارا قد وجبت له الجنّة في غير موطن ولا اثنين ، فهنيئا لعمّار الجنّة ».
وأخذ الإمام رأس البطل الشهيد فجعله في حجره ودموعه على وجهه الشريف ، وهو يبدي حزنه وأساه عليه ، ويقول :
ألا أيّها الموت
الذي ليس تاركي |
|
أرحني فقد أفنيت
كلّ خليل |
أراك بصيرا
بالذين احبّهم |
|
كأنّك تسعى
نحوهم بدليل |
وانبرى الإمام الحسن عليهالسلام سبط النبيّ فألقى كلمة في تأبينه كما أبّنه قادة الجيش ، ثمّ قام الإمام الثاكل الحزين الذي فقد أعزّ أنصاره وأصحابه فواروا جثمان الشهيد العظيم في مقرّه الأخير ، وقد واروا معه الإيمان والتقوى ، ونكران الذات ، وقد دفنه الإمام عليهالسلام بثيابه ولم يغسّله عملا بالسنّة في دفن الشهيد.