ـ تساعدني على قتل عليّ.
فأجابه إلى ذلك ، ومضوا إلى قطام ، وكانت معتكفة في المسجد قد ضربت عليها قبّة ، فقالوا لها : قد اجتمعنا على قتل الرجل (١) فشكرتهم على ذلك ، وحفّزتهم على اقتراف الجريمة.
أطلّ على العالم الإسلامي شهر رمضان المبارك الذي أنزل الله فيه القرآن هدى للناس ورحمة وكان وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وباب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام على يقين لا يخامره شكّ بانتقاله إلى حظيرة القدس في بحر هذا الشهر العظيم ، وقد أجهد نفسه ، وأرهقها إرهاقا شديدا على الإفطار على خبز الشعير ، وجريش الملح ، وكان لا يزيد في طعامه على ثلاث لقم ، كما كان ينفق لياليه ساهرا في العبادة والتضرّع إلى الله تعالى في أن ينقذه من ذلك المجتمع الذي جحد حقّه وتنكّر لقيمه ، وزاد في وجيبه وشوقه إلى ملاقاة الله تعالى ما عاناه من العصيان والتمرّد من جيشه الذي مزّقته الأهواء ونخرته الدعايات المضلّلة.
لقد اشتاق هذا الإمام الممتحن إلى ملاقاة الله وملاقاة رسوله ليعرض عليه ما عاناه من المحن والخطوب من امّته التي جرّعته نغب التّهمام.
ويقول الرواة : إنّه لمّا حلّت ليلة التاسع عشر من رمضان أحسّ الإمام بنزول الرزء القاصم ، فكان برما تساوره الهموم والأحزان وهو يقول :
« ما كذّبت ولا كذّبت ، إنّها اللّيلة الّتي وعدت فيها ... ».
وراودته تلك الليلة ذكريات جهاده مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وما قاساه من طغاة
__________________
(١) إعلام الورى : ٢٠٠.