وهو يعلم براءته من دمه ، وإنّما الذي أجهز عليه منحه الثراء العريض لبني اميّة وآل أبي معيط ، وتنكيله بخيار الصحابة أمثال أبي ذرّ وعمّار بن ياسر وعبد الله بن مسعود ، ومنحه الوظائف المهمّة في الدولة لاسرته وغير ذلك ممّا اقترفه ، الأمر الذي أثار عليه غضب الأخيار والمتحرّجين في دينهم فقتلوه ، وليس للإمام أي دور أو ضلع في قتله ، كما ألمحنا إلى ذلك في البحوث السابقة.
وانبرى شبث بن ربعي فقال لمعاوية :
أيسرك بالله يا معاوية! إن أمكنك من عمّار بن ياسر تقتله؟ إنّ عمّارا هو من المحرّضين على قتل عثمان فاندفع معاوية قائلا :
وما يمنعني من ذلك ، والله! لو أمكنني صاحبكم من ابن سميّة ما قتلته بعثمان ، ولكن كنت قتلته بنائل مولى عثمان بن عفّان ...
وأي قيمة لعمّار عند معاوية الذي لم يفقه من قيم الإسلام شيئا؟ إنّ عمّار بن ياسر أجلّ صحابي ، وأسمى شخصية في الإسلام ، فقد ساهم مساهمة إيجابية في إقامة صروح الدين ، واستشهد أبوه ياسر وأمّه سميّة في سبيل الإسلام ، وكان من أقرب الصحابة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومن أكثرهم مودّة وحبّا له ، ومن الطبيعي أنّ معاوية لا يحفل به ولا يقيم له أي وزن.
وعلى أي حال فقد غضب شبث من كلام معاوية ، وقال له :
وإله السماء! ما عدلت معدلا ، لا والله الذي لا إله إلاّ هو! لا تصل إلى قتل ابن ياسر حتى تندر الهام عن كواهل الرجال ، وتضيق الأرض من الفضاء عليك برحبها ...
ورجع الوفد إلى الإمام عليهالسلام وأخبروه بعدم نجاحهم في وفادتهم ، وأنّ معاوية