فقال ابن العاص : قلتها ولست والله! أعلم الغيب ، ولا أدري أنّ صفّين تكون (١) ونظم في ذلك هذه الأبيات :
تعاتبني أن قلت
شيئا سمعته |
|
وقد قلت ـ لو
أنصفتني ـ مثله قبلي |
أرجلك فيما قلت
رجل ثبيتة |
|
وتزلق بي في مثل
ما قلته رجلي؟ |
وما كان لي علم
بصفّين أنّها |
|
تكون وعمّار
يحثّ على قتلي |
فلو كان لي
بالغيب علم كتمتها |
|
وكابدت أقواما
مراجلهم تغلي |
أبى الله إلاّ
أنّ صدرك واغر |
|
عليّ بلا ذنب
جنيت ولا ذحل |
سوى أنّني ،
والرّاقصات عشيّة |
|
بنصرك مدخول
الهوى ذاهل العقل |
وردّ عليه معاوية بهذه الأبيات :
فقلت لك القول
الذي ليس ضائرا |
|
ولو ضرّ لم
يضررك حملك لي ثقلي |
فعاتبتني في كلّ
يوم وليلة |
|
كأنّ الذي ابليك
ليس كما ابلي |
فيا قبّح الله
العتاب وأهله |
|
ألم تر ما أصبحت
فيه من الشّغل |
فدع ذا ، ولكن
هل لك اليوم حيلة |
|
تردّ بها قوما
مراجلهم تغلي؟ |
دعاهم عليّ
فاستجابوا لدعوة |
|
أحبّ إليهم من
ثرى المال والأهل |
إذا قلت هابوا
حومة الموت أرقلوا |
|
إلى الموت إرقال
الهلوك إلى الفحل (٢) |
وقد صوّرت هذه الأبيات هلع معاوية وخوفه من الإمام عليهالسلام الذي استجابت له جماهير المسلمين ، واستطابوا الموت دونه ، وهو زاحف بهم إلى قتاله.
وعلى أي حال فقد أوجد قتل عمّار زلزالا في جيش معاوية ، وتمرّدا في كتائبه
إلاّ أنّ ابن العاص قد استطاع بمكره وخداعه أن يضلّل الجماهير فقال لهم :
__________________
(١) و (٢) وقعة صفّين : ٣٩٠ ـ ٣٩١.