عنها ، وجاءت بنو ناجية فأخذت بزمام ناقتها ، وكانوا مشكوكين في انتسابهم لقريش فقالت لهم :
صبرا بني ناجية فإنّي أعرف فيكم شمائل قريش ...
لقد أضفت عليهم لقب الانتساب لقريش ليتفانوا في الدفاع عنها ، وفعلا فقد فنوا جميعا .. وبادرت بنو ضبّة بأخذ خطام جملها ، وشاعرهم يرتجز ..
نحن بنو ضبّة لا
نفرّ |
|
حتى نرى جما جما
تخرّ |
يخرّ منها العلق المحمرّ
يا أمّنا يا زوجة النبيّ |
|
يا زوجة المبارك
المهديّ |
وقابلوا الموت بشوق حتى قتل منهم أربعون رجلا ، وسارعت الأزد بأخذ خطام الجمل ، فقالت عائشة :
من أنتم؟
الأزد.
فألهبت في نفوسهم العواطف قائلة : إنّما يصبر الأحرار ، ما زلت أرى النصر مع بني ضبّة ، فلمّا فقدتهم أنكرته واندفع هؤلاء السذّج إلى القتال حتى قتل معظمهم ، واشتدّ القتال كأشدّ وأعنف ما يكون القتال ، وملئت الأرض بأشلاء القتلى والجرحى ، يقول الواقدي : إنّهم كانوا حول الجمل يحامون عنه ، وقد كانت الرءوس تندر عن الكواهل ، والأيدي تطيح من المعاصم ، وأقتاب البطون تنزلق من الأجواف ، وهم كالجبال الثابتة حول الجمل (١).
لقد أريقت الدماء ، وازهقت الأنفس حول جمل عائشة ، وقد تهافت هؤلاء
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١٠ : ٨٤.