وكان صاحب الراية والقائد لتلك الكتيبة الصحابي الجليل هاشم بن عتبة المرقال ، وهو من فرسان المسلمين وخيارهم ، وأحبّهم للإمام ، وأخلصهم له ، وكان أعور فاتّجه عمّار نحوه وجعل يحرّضه على الهجوم فتارة يقول له برفق :
احمل فداك أبي وأمّي ...
واخرى يقول له بشدّة وعنف :
تقدّم يا أعور ...
وهاشم يقول لعمّار بأدب ولطف وتكريم :
رحمك الله يا أبا اليقظان! إنّك رجل تستخفّ بالحرب ، وإنّي إنّما أزحف زحفا لعلّي أبلغ ما اريد ...
ولم يزل عمّار يحرّض هاشما على الحملة حتى ضجر فحمل وهو يرتجز :
قد أكثروا لومي
وما أقلاّ |
|
إنّي شربت
النّفس لن اعتلاّ |
أعور يبغي نفسه
محلاّ |
|
لا بدّ أن يفلّ
أو يفلاّ |
قد عالج الحياة
حتّى ملاّ |
|
أشدّهم بذي
الكعوب شلاّ |
ودلّ هذا الرجز على سأم هاشم من الحياة ، وشوقه إلى ملاقاة الله تعالى ، وجال معه في ميدان الحرب عمّار وهو يقاتل أعنف القتال ويرتجز :
نحن ضربناكم على
تنزيله |
|
واليوم نضربكم
على تأويله |
ضربا يزيل الهام
عن مقيله |
|
ويذهل الخليل عن
خليله |
أو يرجع الحقّ إلى سبيله |
لقد قاتل عمّار وجاهد بإيمان مع رسول الله صلىاللهعليهوآله دفاعا عن الإسلام ، واليوم يقاتل مع أخي رسول الله صلىاللهعليهوآله دفاعا عن تأويل القرآن ودفاعا عن إمام المسلمين ، فما أعظم عائدة عمّار على الإسلام!