بلطف : « ما الّذي أخرجك؟ ».
دم عثمان.
ولم يحفل الإمام بهذا الاعتذار الذي لا نصيب له من الصحّة ، فأشاح عنه ، وأخذ يذكّره بما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله فيه :
« اناشدك بالله ، هل تعلم يا زبير أنّي كنت أنا وأنت في سقيفة بني فلان تعالجني واعالجك فمرّ بي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : كأنّك تحبّه؟ قلت : وما يمنعني إنّه على ديني وهو ابن عمّتي. فقال رسول الله : أما إنّه ليقاتلنّك وهو الظّالم ».
ولم يسع الزبير إنكار ذلك ، وراح يقول بأسى وحزن : اللهمّ نعم.
« فعلام تقاتلني؟ ».
نسيتها والله! ولو ذكرتها ما خرجت إليك ، ولا قاتلتك ...
وانصرف الزبير ، وقد طافت به موجات من الأسى ، وندم كأشدّ ما يكون الندم على ما فرّط في أمر نفسه ، وقفل الإمام راجعا إلى أصحابه فبادروا قائلين :
يا أمير المؤمنين ، سرت إلى رجل في سلاحه ، وأنت حاسر؟
فأجابهم الإمام :
« أتدرون من الرّجل؟ إنّه الزبير بن صفيّة عمّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أما أنّه قد أعطى عهدا لا يقاتلكم ... إنّي ذكرت له حديثا قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : لو ذكرته ما أتيتك ... ».
وصاح أصحاب الإمام : الحمد لله يا أمير المؤمنين! ما كنّا نخشى في هذه الحرب غيره ، ولا نتّقي سواه (١).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٧٣.