وذلك لأن وقوع الوضوء عباديا ، يتوقف على ركنين.
الركن الأول ، هو أن يكون الوضوء مطلوبا ، إمّا خطابا وملاكا ، أو ملاكا فقط ، لوضوح أن كل فعل ، إذا لم يكن مطلوبا من قبل المولى ، لا خطابا ولا ملاكا ، فلا معنى للتقرب به نحو المولى.
الركن الثاني ، هو أن يؤتى بالفعل ، بداع من الدواعي التي تعتبر عقلا ، أنها دواع إخلاصيّة للمولى ، وراجعة إلى الاهتمام بشئون المولى.
وكلا هذين الركنين ، موجود في الوضوء ، قبل صلاة الظهر ، إذا أتى به بقصد التوصل إلى هذه الصلاة قبل وقتها.
أما الركن الأول ، وهو كون الوضوء مطلوبا للمولى ، فهو ثابت في المقام ، فإن الطلب المولوي للوضوء ، ثابت لا بلحاظ الأمر الغيري بل بلحاظ الاستحباب النفسي ، بناء على ما هو الصحيح ، من أن الوضوء مطلوب بالطلب النفسي ، مطلقا ، قبل وقت الصلاة ، وبعد وقت الصلاة ، فالركن الأول للعبادية ، محفوظ ، ببركة الأمر الاستحبابي بالوضوء.
وأما الركن الثاني ، وهو أن يؤتى بالوضوء ، بقصد من القصود المعتبرة في نظر العقل قصودا حسنة في مقام العبودية للمولى ، فهذا الركن ، أيضا محفوظ في المقام ، فإنّ من يأتي بإحدى المقدمات ، قبل وجوب ذيها ، تحفظا ، لأجل امتثال أمر المولى في ظرفه ، فإنّ مثل هذا القصد ، يعتبر ناشئا من الإخلاص في مقام العبودية ، ويعتبر قصدا حسنا ، ومظهرا من مظاهر الإخلاص في مقام العبودية.
إذن فقد تمّ كلا الركنين ، مطلوبية الوضوء شرعا ، ببركة الاستحباب ، وكون القصد حسنا عقلا ، بلحاظ ، أن هذا القصد ، إخلاص للمولى في مقام العبودية ، إذن فالوضوء يصح على واقعه ، من دون حاجة إلى صرف المكلّف عن واقع نيته ، إلى نية أخرى ، ولكن لو احتيج إلى هذا الصرف ، فإنه لا يكفي فيه مجرد التلفظ بنية الوضوء ، بقصد قراءة القرآن ، بل لا بدّ من إحداث نكتة ،