«فعل زيد» و «افعل يا زيد» نشأ بلحاظ النسبة التصادقية ، التي هي مفاد الجملة التامة ، إذن معنى هذا ، أنه لو قطعنا النظر عن النسبة التصادقية ، وعن مفاد الجملة التامة ، ونظرنا إلى الفعل ، بما هو هو ، لا بما هو جزء من جملة ، حينئذ لا يبقى فرق فيما بينهما ، لأننا إذا نظرنا إلى الفعل بما هو هو ، لا يبقى عندنا إلّا النسبة الناقصة ، والمفروض أن النسبة الناقصة فيهما على حد سواء ، مع أن الوجدان اللغوي قاض ، أن الفرق بينهما محفوظ حتى لو نظر إليه بما هو هو ، بقطع النظر عن كونهما جزءين من جملتين ، بداهة وجود الفرق بين فعل الماضي ، وفعل الأمر بما هما هما ، وهذا دليل ، على أن الفرق بينهما ، لم ينشأ فقط محضا ، من طرف النسبة التصادقية ، التي هي من تبعات هيئة الجملة ، بل لا بدّ من فرض فرق بينهما ، بلحاظ النسبة الناقصة التي هي مفاد هيئة الفعل ، إذن فهذا الاحتمال لا يمكن المساعدة عليه.
٢ ـ الاحتمال الثاني :
أن يكون الفرق بلحاظ النسبة الناقصة ، التي هي مدلول هيئة الفعل ، فهيئة «ضرب» أو «يضرب» موضوعة للنسبة الناقصة ، التي هي النسبة الصدورية ، أي صدور الفعل من الفاعل ، بنحو المعنى الحرفي ، لأن صدور الفعل من الفاعل يوجد ربطا مخصوصا ونسبة مخصوصة بينهما ، وهذا الربط ، من النسب الناقصة ، باعتبار أن موطنه الأصلي ، هو عالم الخارج ، وأمّا هيئة «افعل» ، فمفادها نسبة ناقصة أخرى ، أيضا موطنها الأصلي ، هو عالم الخارج ، وهي النسبة الإرسالية ، أو الإلقائية ، أو الدفعية.
وتوضيح ذلك.
أنّه لا إشكال ، في أنه من الممكن ، أن نتصور بحسب عالم التكوين ، إلقاء عين على عين ، كإلقاء زيد على الأرض ، وهذا فرد حقيقي من الإلقاء ، وهناك فرد آخر عنائي من الإلقاء أيضا ، بحسب عالم التكوين ، وهو إلقاء زيد على العمل ، لا على العين ، كما إذا ألقيت بزيد على الكتاب ، بقصد أن تجبره على المطالعة ، فتقول ألقيناه على المطالعة ، ودفعناه نحو المطالعة ، وهذا