وضيقه ، لأنه لو فرض هنا ، أن الواجب كان يسقط بفعل الغير ، فليس معنى هذا ، أن دائرة الواجب تكون وسيعة ، بحيث يكون الواجب هو الأعم من فعله وفعل غيره ، لوضوح أن هذا الأمر غير معقول ثبوتا ، إذ لا يعقل ثبوتا أن يكون الواجب على زيد ، هو الجامع والأعم من فعله وفعل عمرو ، فإن فعل عمرو ، ليس تحت سلطان زيد ، حتى يكون الواجب على زيد هو الجامع الأعم من فعله وفعل عمرو ، بل الواجب هو فعل زيد بالخصوص بلا إشكال ، وليس أمره دائرا بين الأخص والأعم ، وإنما الشك في أن وجوب هذا الفعل من زيد ، هل هو مقيّد بعدم صدور الفعل من عمرو ، أو ليس مقيّدا بذلك ، فالشك في تقييد الوجوب وإطلاقه ، لا في أخصّية الواجب وأعميته ، فالشك ليس في دائرة الواجب ، أي في مدلول المادة ، بل في دائرة الوجوب ، أي في مدلول الهيئة ، فالسقوط بفعل الغير معناه أن الوجوب مقيد بعدم فعل الغير ، وعدم السقوط بفعل الغير معناه أن الوجوب مطلق وثابت ، سواء فعل الغير أم لم يفعل.
وعليه فالشك في السقوط بفعل الغير يرجع إلى الشك في أن الوجوب مطلق أو مقيّد ، ومن المعلوم أن مقتضى القاعدة ، هو إطلاقه ، ببركة مقدمات الحكمة ، فبجريان الإطلاق ومقدمات الحكمة ، في مدلول الهيئة وحينئذ يثبت أن الوجوب مطلق وثابت ، سواء فعل الغير أو لم يفعل ، وهذا معناه عدم السقوط بفعل الغير. وما أفاده لا يمكن المساعدة عليه صغرى وكبرى.
أمّا صغرى ، فلأنّ ما ذكره من أن الواجب يستحيل أن يكون هو الجامع بين فعل نفسه وفعل غيره ، بدعوى أن فعل الغير ليس تحت سلطان المكلف ، فهذا البيان ممنوع صغرى ، باعتبار أن فعل الغير ينقسم إلى قسمين.
فعل الغير التسبيبي ، وفعل الغير الأجنبي.
نعم فعل الغير الأجنبي ، ليس تحت اختيار نفس المكلف.
ولكن فعل الغير التسبيبي يكون تحت القدرة ، بحيث يكون تحت القدرة ، تسبيب هذا الشخص إليه ، إما تسبيبا إلجائيا أو تسبيبا بمعنى قدح