والنتيجة أنه بضم المقدمة الأولى إلى الثانية ، يتبرهن استحالة أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر.
الوجه الثاني
للبرهنة على استحالة أخذ قصد الأمر قيدا في متعلق الأمر.
ويمكن اعتبار هذا الوجه الثاني تنقيحا للوجه الأول من الوجوه الأربعة التي تقدم الإشكال عليها ، وكان حاصل الوجه الأول هو ، أنه لا يعقل أن يؤخذ في متعلق الأمر ومعروضه ما لا يتأتّى إلّا من قبل الأمر ، كما عبّر المحقق الخراساني (١) ، لأنه يلزم من ذلك التهافت في الرتب ، وتوضيحه.
أن قصد امتثال الأمر بحيث أنه في طول الأمر ولا يكاد يتأتى إلّا بلحاظ الأمر ، إذن فهو في مرتبة متأخرة عن الأمر ، وحيث أنه أخذ في متعلق الأمر ومعروضه والمعروض أسبق رتبة من العارض ، إذن فيكون متقدما على الأمر ، وهذا هو معنى التهافت في الرتب حيث يكون الشيء الواحد متقدما ومتأخرا.
وقد أشكل على هذا الوجه الأول بما حاصله.
إن المتأخر غير المتقدم ، إذ أن المتأخر هو قصد امتثال الأمر بوجوده الخارجي ، بينما المتقدم هو قصد امتثال الأمر بوجوده الذهني والعنواني ، لوضوح أن الأمر وإن كان في عالم نفس الحاكم ، نسبته إلى متعلقه من قبيل نسبة العارض إلى معروضه ، لكنّه لا يعرض على واقع متعلقه الخارجي ، فهو لا يعرض على واقع الركوع والسجود وقصد الامتثال بوجوده الخارجي ، وإنما يعرض على عناوين هذه الأشياء ، إذن فهو متأخر بالرتبة عن الوجود العنواني للركوع والسجود وقصد الامتثال ، لا عن الوجود الخارجي ، وعليه فلا يلزم التهافت ، والتناقض في الرتب ، لأن ما هو متأخر عن الأمر هو الوجود الخارجي لقصد امتثال الأمر وما هو متقدم بالرتبة على الأمر هو الوجود
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٠٩.