التخصّص ، فلا تجري اصالة عدم التخصيص ، فإن قيل كما بنى صاحب الكفاية (١) والمشهور بين المحققين على أن اصالة عدم التخصيص لا تجري في موارد دوران الأمر بين التخصيص والتخصص ، إذن فلا يمكن للمستدل في المقام أن يجري اصالة عدم التخصيص لكي يثبت التخصص ، فإن إثبات التخصّص الذي هو مرامه فرع إجراء اصالة عدم التخصيص ، فإذا لم يقل بجريان اصالة عدم التخصيص لا يمكن للمستدل أن يثبت التخصص في المقام ، فلعلّه تخصيصا ، وإن قيل هناك في تلك المسألة ، أنه في مثل دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص تجري اصالة عدم التخصيص ، لأن التخصيص على خلاف القاعدة ففيه مئونة وعلى خلاف الأصل ، فتجري اصالة عدم التخصيص ، وبأصالة عدم التخصيص يتعيّن التخصّص ، فأيضا هذا لا ينطبق على محل الكلام ، ففي المقام ، لا يمكن للمستدل أن يجري اصالة عدم التخصيص ، والنكتة في ذلك هي ، أن من يقول بجريان اصالة عدم التخصيص إنما يقول بذلك فيما إذا كان على فرض التخصيص لا يوجد قرينة متصلة صالحة للتخصيص ، بحيث أنه على فرض التخصيص ، يكون تخصيصا بلا قرينة متصلة ، ففي مثل ذلك يدور الأمر بين التخصيص ، بلا قرينة متصلة ، وبين التخصص ، فيقال بأن التخصيص بلا قرينة متصلة على خلاف الأصل ، فيجري أصالة عدم التخصيص ، ويتعين التخصّص ، وأما لو فرض أنه على فرض التخصيص يوجد قرينة متصلة على هذا التخصيص ، إذن فهذا التخصيص ليس على خلاف الأصل لأنه تخصيص بقرينة متصلة ، فلا معنى لإجراء أصالة عدم التخصيص ، فالأصل هو عدم التخصيص بلا قرينة متصلة لا أن الأصل هو عدم التخصيص مع نصب قرينة متصلة.
ومقامنا من هذا القبيل ، فلو فرض أن مدلول كلمة الأمر أعم من الوجوب والاستحباب ، فهنا يوجد قرينة متصلة على خروج الاستحباب ، فنفس التحذير مع مركوزيته ، يكون مستتبعا للعقاب ، بينما الاستحباب ليس
__________________
(١) المشكيني ج ١ ص ٣٥٠ ـ ٣٥٢.